Return to site

تربية طفلة كأم ناجية

بقلم:

Twitter: @TDawn81

Dawn Daum

داون دوم

 

غالبا ما أجد نفسي أتصدى لآثار الإساءة الجنسية التي تعرضت لها خلال طفولتي، ليس فقط كامرأة، بل أيضا كأم.

" أمي، هل تسمحين لي بوضع بعض المكياج؟"

أنا أخبر ابنتي أنها جميلة دون حاجة لمكياج، لكنني أتسامح قائلة: بالتأكيد، ما الضرر في ذلك؟

داخلياً، أعيش صراعاً بين مفاهيم الجمال والخصائص الجنسية والسلامة، وكيف لكل هذه المفاهيم أن تلعب دورها في حياة ابنتي. لا يسعني سوى أن أقول لها "لا " ليس لها الحق أن تضع المكياج، وفي السنوات اللاحقة من حياتها، سأقول لها " لا" ليس لها الحق ان تلبس أي شيء يكشف عن أنوثتها بأي شكلٍ كان. أريد أن أحميها بقدر ما أستطيع ضد لفت انتباه متحرش محتمل – بالرغم من علمي أن الفكرة نفسها عبثية. إن المكياج وأسلوب اللباس لا علاقة لهما بالوقوع ضحيةً للتحرش الجنسي. المتحرشون ليسوا معنيين بأحمر الشفاه أو بالتنانير القصيرة. إنهم يترقّبون في انتظار فرصة، عادة ما تكون هذه الفرصة في محيطٍ يكون ملائماً للطفل.

في مثل عمرها، تحولتُ إلى أداةٍ جنسية في يد أحدهم، وأعلم اليوم أن حدوث ذلك لم تكن له صِلةٌ بالهيئة التي كنت عليها. أعلم اليوم أنّ ما حصل برمّته كان مرتبطاً برجلٍ مصابٍ بالإدمان وفاقد للقدرة على السيطرة على نفسه. إن الأمر لا يتعلق بهيئة الطفل، بل بمدى قابليته للانكسار.

هل تشعر كل امرأة بخواءٍ داخلي عندما تستمع لرجل يثني على جمال ابنتها؟ إنه أمر يجعلني أتصاغر لأعود لسن العاشرة، متسائلة ما إذا كان هذا الرجل أيضاً سيفعل بي ما فعله من سبقوه من الرجال "الصالحين". مع فارق أن الأمر لم يعد يعنيني لذاتي. إنه أمرٌ يخص ابنتي. إنها تلك الرغبة الملحّة داخلي لحمايتها، من أن تصبح ضحية مثلما كنتُ أنا.

قد أكون مخطئة. قد يكون الرجل الواقف للمحاسبة في المحل لا ينوي شراً. لكنني عندما أستشعر تلك الوخزة الداخلية المزعجة في حضوره، انتبه للأمر. لا يحدث الأمر في كل مرة أكون أنا أو تكون ابنتي في مكان يجمعنا برجل. يحدث ذلك أحياناً. لذلك أسعى في كل مرة ألاّ أدعها تكون في موقفٍ تتعرض فيه للتدليل من رجل، بالاستماع والاطلاع، سواءً كان صديق أبيها المخلص أو شيخاً في مسجد أو أخاً لصديقتها أو حتى أحد أقاربها.

أنا بحاجة لتعليم ابنتي كيف تستمع وتشعر بالحاسة السادسة التي نمتلكها جميعنا. إن أكثر أداة يمكنها أن تساعدها ثقتها بذاتها. حتى الآن، نسميها بشعور " آها". إنها فكرة علمتْها لي أخصائية اجتماعية عندما أدخلتها للمدرسة الابتدائية. لقد كوّنتُ صِلةً مع شعور "آها" لأنني عرفته في نفسي. إنه الشعور الذي جعلني أحبس سراً داخلي لمدة ثماني سنوات. لا أريد لابنتي أن تخاف من ذلك الشعور مثلي، بل أن تنتبه لوجوده وأن تتفاعل معه مهما كانت العواقب.

إن أصعب جزء في كل هذا هو الشعور بالانزعاج عندما يكون الحدث غير منطقي، كأن يقوم زوجي بمساعدة ابنتنا خلال استحمامها، أو عندما يلعب معها لعبة الوحش فيقرصها ممازحاً لها. إنني بحاجة لإقناع نفسي أنه بغض النظر عما تقوله الأدبيات والإحصاءات في هذا الشأن، فإنني لن أكمل حلقة الإساءة بأن أصبح ضحية أو معتدية. إن عليّ أن أدفع بنفسي خارج حفرة التشكيك في هذه الأحداث البريئة وأتجاهل الأفكار المتجذرة بشأن نظرتي لها، لأتبين كم من غير المنطقي وجود شعوري بالخوف تجاهها.

بعد أن فشلتُ في العثور على قصص تصف الكيفية التي تختبَر بها الأمومة لناجية من إساءة جنسية، ذكرني ذلك بالحالة السلبية التي يعيشها الناجون. إنني أعلم الدور الذي يلعبه الشعور بالعار لإبقائهم على هذه الحالة، لكن النقاش بخصوص التأثيرات متعلقة بالإساءة التي تعود للظهور على السطح أو تظهر فجأة عندما نصبح أمهات، أمر نحتاج للحديث بشأنه. إنه من الضروري أن ترتفع قدراتنا نحو تربية فتياتٍ على نحو صحي.