Return to site

شخصان

بقلم:

ليندسي بيكر

إنني أشعر أن والدي كان يمثّل شخصين مختلفين: الداكن والفاتح، النهار والليل. أمي كانت أيضاً كذلك، المرحة واللئيمة، الوحش والحنونة. أشعر أنني شخصان مختلفان.

عندما اعتني بطفلتيّ الغاليتين، أكون امرأة ناضجة مراقبة لنفسها، ذات 29 عاماً. أنا ناجية، و مفكّرة، وإنسانة تحسّن من قبح ماضيها. أحياناً، أصرخ في وجه طفلتي عندما تتقاتلان، أتأوه ساخطة عندما أكون متعبة، وأقسم بأغلظ الأيمان عندما تنتهي حدود صبري. مع هذا، فأنا أعلم أنني لم أتجاوز حدودي. أنا أمّ جيدة.

أنا أيضاً طفلة صغيرة خائفة، خنوعة ومذعورة. أتوقع "منهم" أن يأتوا إليّ في أي لحظة ليُقسموا أمامي ويضربوني، ويصرخوا معلنين أنني عديمة الفائدة، وعديمة القيمة وفاشلة. سيأتون ليأخذوا أطفالي منّي، لأنني لا أستحقهم. يمكنني الشعور بتيار الدم في عروقي متدفقاً بقوة وحرارة. أركن بسرعة لحالتي المريحة من الذعر والانفصال عن الواقع. كل هذا يحصل لي لأني صرخت في وجه ابنتي الصغيرة، بعد حدوث نوبة غضبها الخامسة خلال ساعة واحدة.

ينتهي الحال بي لاتخاذ وضعية الموت، ممدّدة على الأرض أبكي في يأس لأنني أعمل بأداء مخجل في هذا الأمر المقرف. أنا لست سوى شخص فاشل. أنا أفسد حياة أطفالي بنفس مقدار السوء الذي أفسد به والداي طفولتي. إن حقيقة أنني أعيش هذه الحالة أمام أطفالي فيتعاطفون معي بسببها يجعل الأمر أكثر سوءاً. أود أن أعود إلى نفسي لأنكمش داخلها، وأختفي. أود أن أتحوّل إلى بذرة وأنمو من جديد، حتى أحسن القيام بمهمتي هذه المرّة.

يسامحني أطفالي المرة بعد المرة، ولا أعرف لماذا. لماذا لا يكرهونني؟ أنها مسألة وقت لحدوث هذا بكل تأكيد. إن طفلتي الداخلية تذكرني بحقيقتها. إنها تصرخ عليّ وتبكي وتدفعني بعيداً عنها. إنها تختبر حدود حبي لها، بمحدودية قدرتها كطفلة. إنها تقاتل ضدي. لقد أصبحت غير معروفة بالنسبة لها وهو أمر يفزعها. لم يسبق لها أن اختبرت تجربة رعاية مستمرة من قبل.

في نهاية المطاف، تتولى الراشدة زمام الأمور. أعيد لكل طرف اعتباره اللائق. ابتسم وانا اتفق مع ابنتي ذات السنوات الأربع عندما تعيد صياغة كلامي قائلة" أن يكون المرء سيئاً مجرد طريقة ليتعلم كيف يكون حسناً". إنها تعلمني بقدر ما أعلم أنني أعلمها. أنا أعرف نفسي كراشد بالرغم من بقاء الطفلة داخلي.

لقد ظلت هناك لوقت طويل للغالية، وأنا حاميتها. لقد أكدت أنني سأكون من يقف في وجه من يتحداها ولو كانت أمي. كيف لي أن أدير ظهري لها الآن، أن أخبرها أنني لن أضعها في مقدمة اهتماماتي بعد الآن؟ إنني اشعر أنني أربي ثلاثة فتيات وليست اثنتين، وكل واحدة منهن تتطلب عملاً بدوامٍ كامل. كيف لي أن أقنع نفسي أنها لم تعد بحاجة للأمان أكثر وإنما بحاجة إلى الحب.

كلما فقدت سيطرتي على الأمور، أفرط في التفكير، أعيد النظر، أصلح من شؤوني. أتعامل مع الأمور بطريقتي الخاصة. أتقدم سنتيمتراً إضافياً في رحلة تعافيّ. ثم وقع الأمر مجدداً.

كنت أتمنى أن أصرّح أن المور تتحرك نحو الأفضل، لكن الصراع لازال قائماً. لقد بدأت في هذا الجهاد منذ أربع سنوات فقط. لا بد لي من أن أؤمن أن آليات تكيفي في طريقها للتحسن. ساعدني العلاج النفسي. ساعدني البوح والتدون. أكثر ما ساعدني رؤية بناتي صامدات أمام سخطي عليهن. سأفهم في يوم ما الذي يعنيه الناس عندما يقولون عبارة " التنفيس الصحي عن الغضب". يوماً ما، سوف آخذ نفساً عميقاً وسيؤدي هذا إلى تحرير جرعة الأدرينالين من قمّتها لتعود لمستواها المنخفض، كما يقولون.

أتمنى هذا.

يجب أن يحصل لي هذا.

سيحدث لي هذا.